برمجة الذات وتغيير السلوك أو العادات
ما بين حدوث الفعل وردّ الفعل هناك مساحة تسمى اختيار الاستجابة.
وهذه المساحة تعتمد في كثير من الأحيان على عدة أمور منها :
1/ الخبرات السابقة
2/ العادات (البرمجة) التي اعتدنا أو عُوِّدنا عليها
3/ الضمير
4/ الخيال (تصوّر
ما يمكن أن يحدث من نتائج لردود الأفعال المختلفة)
5/ الوعي بالذات (فهم وتقدير ذاتك)
6/ الإرادة المستقلة . فيمكن للعاقل أن يتوقف بوعي ويتجنّب
الكلمة المشهورة والمعتادة في مثل هذه المواقف: لا أدري كيف فعلت ذلك أو كيف قلت ذلك!
.. والتي تعقب التسرّع في ردّة الفعل ومن
ثمّ النّدم على ما كان.
ويحدث ذلك عندما يغمّى على العقل الواعي لدينا وتأتي التصرّفات
من اللاوعي في شكل ردود فعل رعناء هوجاء قد تصل إلى القتل وقد تصل إلى حدود السلوكيات
الجنونية والغير مسؤولة أيضا ، وبعد فترة يهدأ الشخص ويعود إلى رشده .. ويبدأ يفكّر
فيما حدث !! ويقول: أمعقول أنّي قلت ذلك .. أنا فعلت هذا !!
وهنا وجب التوقّف برهة لأنّ الموضوع يتعلق بذات الإنسان وقدرته
على التحكّم والإمساك بزمام القيادة في كل أحداثه اليومية، ويتعلق بأن يختار الإنسان
أن يكون في موقف النتيجة ، ويردّد كلمات مثل " هو أغضبني" ، " هو الذي
استفزني " ، " زحمة الشارع هي السبب في تأخري"، ... وقائمة طويلة من
الأسباب التي نبرّر بها ردود أفعالنا الغير لائقة، أو نختار أن نكون في موقف السّبب،
فنتحمّل مسؤولية ردود أفعالنا بشجاعة، ونتقبل بصدر رحب النقد لتعديل أخطاءنا.
ولكن - وهنا سؤال مهم – كيف أستطيع أن أتحكّم في ردود أفعالي
وأسيطر على ذاتي وأمنع التصرفات الهوجاء التي تأتي من اللاوعي في لحظات الخوف أو الغضب
..!!
الخطوة الأولى: تأكد من رغبتك في التغيير
ولكي تتأكد من ذلك اجلس مع نفسك ، وتذكر المواقف التي ندمت
فيها على كلام أو فعل صدر منك . تذكر ذلك وعِش في كل حَدث وكأنّه يحدث الآن وأستشعر
الندم ، ثم تذكّر المواقف مرة أخرى ولكن أعِد سيناريو هذه المواقف وتخيّل نفسك وأنت
متحكّم في ردة فعلك وكلماتك ، واستشعر ثقتك ورضاك عن ذاتك.
الخطوة الثانية: قرّر قرارا أكيدا أن تتغيّر
وتصبح إنسانا تتسم ردود أفعاله بالعقلانية والاتزان. وحدّد
المواصفات والمقاييس التي تتمنى أن تكون لديك. وكيف تحبّ أن ترى نفسك بالعادات الجديدة.
الخطوة الثالثة: ضع في خطتك اليومية أن تعي ما تفعل وتقول
بمعنى أن تمارس روتينك اليومي – بوعي – مثلا إذا بادرك
شخصٌ بالسّلام فتخيّل نفسك مكانه وكيف تحبّ أن يردّ عليك السّلام ، بابتسامة مثلا ،
بصوت ودود ، بنظرة رضا ... ( وكل ذلك في لحظة تتخيّل ثم تردّ) وهكذا في أي موقف
إيجابيّ أو سلب تمرّ فيه
الخطوة الرابعة: راجع نفسك باستمرار هل ما قلته – في ذلك
الموقف – صحيحا، هل ردة فعلي مناسبة ، ماذا أحتاج أن أغيّر في المرة القادمة ؟
وهكذا متابعة باستمرار حتى تتحوّل ردود أفعالك الجديدة التي
تمارسها بوعي إلى اللاوعي. ومع الأيام تتكون لديك عادات جديدة ( أنت الذي اخترتها مسبقا
في الخطوة الثانية).
ثق بعدها بأنك ستشعر بالرضا عن ذاتك وأفعالك وذلك أنّ عامل
الندم وتأنيب الضمير على الأخطاء وهاجس الخوف من أخطاء ردود الفعل الغير مناسبة، كل
ذلك انتهى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق