آخر المواضيع
recent

العمل التّطوعي وتنمية الذّات





د. عبد الله الكامل
العمل التطوعي عبارة قد تكون مجهولة المعنى لدى كثير من الناس في بلداننا العربية غير أنها عبارة ذات دلالة وصدى قويين في الغرب ، بل إنّها تشكّل أهم الوسائل في احتواء الكوارث وتنفيذ المشروعات والبرامج الإغاثية ، وتصل قيمة هذه الجهود التي يبذلها المتطوعون إلى مليارات الدولارات وتسهّل وصول الخدمات بشكل كبير لا يمكن أن يتأتّى بهذه الصورة في حال غيابه، ونظرا لهذه الأهمية تم تحديد يوم عالمي للاحتفاء به وتكريم المتطوعين في ديسمبر من كلّ عام.

فما هو العمل التطوعي؟    
                                                            
العمل التطوعي هو كلّ جهد يبذله الفرد في أداء خدمة للمجتمع دون عوض مادي مقابل ذلك .
لماذا العمل التطوعي:
قد يطرح البعض هذا السؤال وللإجابة على هذا السؤال لا بدّ أن نقرّر أولا حقيقة هامة وهي أن الفوارق بين الناس من حيث القدرة على توفير احتياجاتهم الضرورية أو الحصول عليها يستمر في الدول الغنية ناهيك عن الدول الفقيرة التي تفتقر للحدود الدّنيا من توفير الرعاية والخدمة للفقراء والمعوزين.
فإذا كان هذا هو الحال فإن العمل التطوعي لتوفير الرعاية للناس أمر لازم لا بدّ منه إذا ما أردنا أن نعيش في مجتمع خالٍ من الأمراض الاجتماعية .
ومن أجل ذلك كانت التوجيهات القرآنية والنبوية كثيرة وشديدة في هذا الجانب تبث البشارات لكل من أسرع الخطى في رعاية المحتاجين وخدمة المجتمع
" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا " [الإنسان:8]
(من أدخل السرور على أهل بيت من المسلمين لم يرى الله له جزاء إلا الجنة.)
( من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدّنيا فرّج الله عنه كُربة من كرب يوم القيامة )
( السّاعي على الأرملة والمسكين كالقائم لا يفتر والصائم لا يفطر)
كما كان الوعيد شديدا على كلّ من يهمل الرعاية لجيرانه الفقراء والمساكين والأيتام إلى الحدّ الذي يخرج هذا العمل من دائرة الطوعية إلى دائرة الإلزام للمحافظة على بنية المجتمع السليم
( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع )

ما هي الفوائد التي تعود على العامل في مجالات العمل التطوعي

الحديث عن هذه الفوائد طويل ولكن نورد منها بعض ما ورد في مذكرات متطوعة في السودان وهي :
- تغيير العادات السلبية حيث تتسع دائرة الاهتمامات من نطاق الاهتمامات الفردية الشخصية إلى دائرة الاهتمامات ذات النّفع المتعدّد
- الحبّ الذي يتغلغل في قلوب المستهدفين بالخدمة والدّعاء المستمر في ظهر الغيب لك
- تنمية الشعور بالمسؤولية والسعادة حيث تشعر مع مرور الوقت بأنّ هذه الأعمال كان ينبغي أن تبدأ بها منذ وقت وأن لا تتوقف عنها أبدا لتستمر البسمة على الشفاه المحرومة
-  الشعور بالانتماء لهذا المجتمع
- صقل القدرات والمهارات ( البحث والاستقصاء – العلاقات العامة – التخطيط والتحليل ..) من خلال البحث عن المحتاجين والبحث لتوفير مصادر لتوفير الدعم لهم . كما توضّح ذلك المتطوعة التي عملت في السودان عندما قالت : ( العمل التطوعي صنع مني إنسانة لها إرادة أعتمد على نفسي ، أعرف قيمتي ، اكتشفت مواهب ونعمًا منّ الله بها علي لم أكن أعرفها في نفسي ، إيماني بالقضية جعلني أملك قوة المُطالب بحقوق لهؤلاء المحتاجين من أي مسؤول ، رغم أنّي طوال عمري كنت خجولة لم أتخيّل أن أملك هذه الجرأة
- الصبر والجرأة لأن هذا الميدان يتعامل فيه المتطوّع مع فئات لا ترى إلا توفير احتياجاتها لتستمر في الحياة فهي تلحّ وتطالب باستمرار بهذه الاحتياجات ( وصاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاها ) . ومن ذاق حلاوة مساعدة الناس لا يمكن أن يتوقّف عن مساعدتهم .

من آداب العمل التطوّعي:

1.. التواضع والبعد عن التكلّف أثناء العمل
2.. التعامل الإنساني العالي فالخدمة التي لا تتوافر فيها العاطفة تفقد أثرها بل قد تتسبب بآثار سلبية
3.. التّخلي عن بعض العادات في الملبس مثلا فلا ترتدي أفضل الثياب لتدقّ أبواب الفقراء بل لا بدّ أن تشعرهم أنّك منهم ، وهذا ما تؤكّد عليه المتطوعة في مذكراتها
4.. الشّفافية والتوثيق المستمر والضبط في جوانب الاستلام والصّرف حتى لا يقع في نطاق الشّبهة
5.. استشعار الأجر وعدم انتظار الشّكر فربما يتعرّض المتطوّع إلى اتهام من المستفيدين وهذا طبيعيّ جدا
6.. الحبّ الصّادق لهؤلاء الفقراء الذين لا ذنب لهم سوى أنّهم وجدوا وسط هذه المشكلات  
Unknown

Unknown

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.